فتحه اعلانيه

الخميس، 14 فبراير 2013

الطفل الجدي

يبدو طفل برج الجدي عند الولادة كالعجائز ، ثم يسترجع شيئاً فشيئاً حيوية الطفولة ورونقها إلى أن يُصبح بعد عدد من السنيـن في وضع يحسده عليهمواليد الأبراج الأخرى الذين في عمره .

ويُفسّر البعض هذا النمو الخلفي الذي هو عكسالتطور الطبيعي عند الإنسان على أنه رمز واضح لتاريخ ولادة الجدي الذي يقع كما نعلمما بين احتضار سنة راحلة وولادة أخرى جديدة.

إن هذا الطفل منذ البداية رزينقوي الإرادة مُكتمل الفهم رصيـن النظرات إلى درجة يشعر معها الكثيرون وعلى رأسهم والدته بالارتباك لاعتـقادهم أنهم هم الأطفال وهو الإنسان البالغ .

 ومنذ البدايةأيضاً يتمتع بذوق خاص يُدافع عنه ويُؤكده بأسلوب هادئ سلبي لا أثر فيه للعنف أوالمشاكسة أو الصراخ أو أية وسيلة من وسائل الطفولة عامة ، ولهذا الطفل العجيب أهدافوأحلام واقعية يستطيع تحقيقها دون أدنى ريب بفضل مقدرته التـنظيمية وسيره بحسبروتينية مُعيّـنة ، وبما أنه لا يُشبه الأطفال من نواح كثيرة يـبدو محروماً منالصداقات ، ليس له سوى زميل أو اثـنين على الأكثر ، لكنه يعتاض من ذلك الحرمانبعلاقـة ثابتة بأفراد العائلة ، وبحياة بيتية لا يُفضل عليها شيئاً آخر.

يبدو هذا الطفل في المدرسة بطيء الذكاء نسبيّـاً ، منطوياً على نفسه وعنيداً بعض الشيء،ومع ذلك ينجح في دراسته ، بل يتـفوق فيها على الكثيرين ، وذلك بفضل مثابرته وعدملهوه باللعب أو الأحلام .

 ومع أنه قليل الاختلاط إلا أنه ينجح في الوصول إلى مركزالقائد أو الزعيم بين أترابه الذين يشعرون نحوه بالتـقديـر والاحترام ، غير أنه يُتهم أحياناً بالظلم والتعسّـف بسبب تحكمّـه فيمن هم أضعف منه ، ومقابل ذلك لايتردد في الانقياد لمن هم أقوى منه وأعلى شأناً دون التخلـّي قيد شعرة عن حقوقهالتي يعرف كيف ومتى يستردها .

 يرفض طفل برج الجدي إهمال واجباته ومسؤولياته فيسبيل اللهو أو اللعب . لكن ذلك لا يمنعه من ملء فراغه بالصورة التي يريد ، إنّأساليب التسلية عنده تختـلف في الواقع عن المألوف والمعتاد ، فأفضل لعبة يقوم بهاهي تقـليد الكبار بوجه عام وأحد والديه بوجه خاص . مثلا ً تـلبس طفلة برج الجديثياب والدتها وتـتبرج مثـلها وتقوم مثـلها أيضاً بدورالأم وربة المنزل مستعملةالدُمى مكان الأطفال الحقيقييـن ، أما الصبي فيُمثـل دور الطبيب أو المحامي أوالأستاذ ناسجاً على منوال أبيه ومُعداً نفسه لمستـقبل مماثـل .

 هذا بالنسبة إلىمراحل الطفولة الأولى ، أما في المراحل التالية فيُظهر الطفل الاهتمام بأفراد الجنس الآخر ولكنه لا يستطيع منع نفسه من الارتباك والخجل أمامهم ، تلك الظاهرة كفيلة بجعل سن المراهقة أمراً شاقاً عليه ما لم تـُرافقها رعاية الأهل وتـشجيعهم له .

على الرغم من بعض الصفات التي لا تـُـنبئ بسهولة كبيرة في طباع هذا الطفل يُمكن القول أنه – إجمالا ً – دمث الأخلاق رفيع التهذيب ، قليل التبذير ، واقعي الأحلام ، جدير بثـقة أهله ومعلميه وأترابه ، إنّ في وجوده متعة حقيقية ونعمة لايعرف قدرها إلا من يُرزق مثـله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق