فتحه اعلانيه

الخميس، 14 فبراير 2013

الطفل العذراء

على الرغم عن ذكائه وتيقظه يبدو الطفل المولود فيبرج العذراء أكثر جداً وأهدأ مظهراً من جميع الأطفال ، لولا عناده في الأكل خاصةلاعتبر من أهنأ الأطفال وأقربهم إلى قلوب الأمهات ، صعوبته ناجمة عن ذوقه الخاص فيالطعام ، فهو منذ بداية عمره يُفضل أصنافاً على أخرى ، ويرفض بإصرار تعويده غيرها،هذا العناد لا يمنعه من أن يكون خجولا ً ومهذباً ودمثاً إلى أقصى حد ، وهو بالإجمالمطيع لأهله ومعلميه ، لا يضطرهم إلى توبيخه أو حتى إلى تكرار الأوامر.

هذاالطفل أيضاً سريع النطق ، يتعلم الكلام في وقت مبكر ثم سرعان ما يصبح سلس الحديثجاد العبارات باستثناء حالات الخجل والارتباك أمام الغرباء ، وهو ماهر في التقليد،كثيراً ما يحاكي أفراد عائلته وينتقدهم بأسلوب فذ مضحك ، ومع ذلك يميل إلى الأدوارالجادة وإلى تحمل المسؤوليات أكثر من غيره .

 في المدرسة يُعتبر التلميذ المفضل لدىمعلميه بسبب مثابرته وطاعته وتهذيبه الجم ، لكن ما يُزعجهم منه ارتباكه الشديد إذااضطر إلى إلقاء قصيدة أو خطاب أمام زملائه ورفضه القاطع للنقد ، أما ما عدا ذلك فهوخلوق ، يسدي الخدمات دون مقابل ، ولا يتردد في معاونة معلميه في تصحيح الفروض أوجمع العلامات ، وينجح في هذا الدور لما يتحلى به من الاستقامة والموضوعية والدقةمما يُتيح له تصحيح الأخطاء التي يرتكبها الأستاذ نفسه في بعض الأحيان ، والطريفأنه لا يتورع عن ذلك وهو المعروف بكراهيته الشديدة لأي نقد له يصدر عن الآخرين .

يحتاج هذا الطفل إلى الأدلة الحسيّة التي تـُبرهن عن حب أهله له وتعلقهم بهوإن كان يرفض المجاهرة بتلك الحاجة ، إنه على كل حال من بين القلائل الذين لا خوفعليهم من الميوعة أو الفساد مهما بالغ الأهل في تدليلهم ، صعوبته الوحيدة مصدرهاتمسكه بعاداته ورفضه لكل تغيير ، وفيما عدا ذلك يعتبر وجوده نعمة لأبويه وخصوصاًلوالدته التي يشترك معها أحياناً في تدبير المنزل وفي مسك الحسابات ، يتعلق بالمخلوقات الضعيفة والحشرات الصغيرة مما يجعله يقضي الساعات في مراقبة وكر للنمل مثلا ً بينما وجود كلب ضخم لا يعني له شيئاً

يرفض هذا الطفل المعلومات غير المكتملة ويلجأ إلى مصادر تـثـقيفية عديدة بالإضافة إلى الكتاب المدرسي ، أكثرما يحب الجدل والنقاش ، فإذا بدا خلالهما أقل معرفة من زملائه انطوى على نفسه وشعربالتعاسة والخجل ، يرفض في سن المراهقة العلاقات الدائمة أو الجادة وخصوصاً تلك التي تستهدف الزواج ، كما يكره أن يُشار إلى حياته العاطفية من قريب أو بعيد،ولهذا السبب تصعب عليه صراحة الآخرين.

إن عقله الواعي وأسلوب تفكيره العملي يحرمانه أشياء كثيرة يزخر بها عالم الأطفال الذين في مثل سنه ، فهو مثلا ًقليل التخيلات والأحلام نادر الاهتمام بقصص الجن والأشباح وغير ذلك ، ومع أن عظمتهفي تلك الواقعية إلا أن هناك خوفاً عليه من الوحشة في المستقبل ، ينبغي لأهلهتشجيعه على اقتحام عالم الأوهام بين الفترة والأخرى بحيث تصبح طفولته أقل جداًوأكثر تشعباً ومرحاً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق